درس : البلدان الأقل تقدما بالساحل الأفريقي : حصيلة التنمية

درس : البلدان الأقل تقدما بالساحل الأفريقي : حصيلة التنمية

المقدمة : يتكون الساحل الإفريقي من 9 د ول على مساحة تفوق 5مليون كم2 وتعد 68 مليون نسمة تحصلت على استقلالها السياسي منذ 1960 لكنها بقيت تعاني الفقر والجفاف والمشاكل الاجتماعية

I – مستوى تنمية بشرية محدود جدا

    1- دخل فردي ضعيف جدا :

- هذه البلدان من افقر بلدان العالم تتميز بضعف الناتج الداخلي الخام التي تقدر بحوالي 28.6 مليار دولار أي ما يمثل 1.4  من الناتج الداخلي الخام لفرنسا و حوالي 15  من رقم معاملات شركة جنرال موتورز

- تتميز هذه الدول بضعف نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام الذي لا يتجاوز 750 دولار الا في دولة واحدة هي الرأس الأخضر اما البقية فينخفض الدخل الفردي الى مستويات ضعيفة جدا 156 دولار في غينيا

- تزايدت نسبة الفقر في هذه الدول من 42  الى 47   عكس بقية الدول النامية الأخرى .

- تتميز هذه الدول بفوارق هامة تبرز من خلال :

* فوارق بين الدول : في مستوى الدخل الفردي خاصة بين الرأس الأخضر ( قلة السكان و توفر مداخيل السياحة و الهجرة ) وبقية الدول خاصة مالي و النيجر و هو الأضعف في العالم .

* فوارق بين الريف و المدينة : متوسط الدخل الريفي في هذه الدول هو نصف معدل دخل السكان في المدن

* فوارق بين الفئات الاجتماعية : 10   من السكان الأكثر غنى يملكون أكثر من نصف ثروة هذه البلدان

==) فوارق حادة تعيق تحقيق التنمية

     2- وضع غذائي و صحي صعب :

- تتميز هذه الدول بقدرة محدودة على الاستجابة للحاجيات الأساسية للسكان و يبرز ذلك من خلال الوضع الغذائي فشهدت هذه الدولة مجاعات عديدة خاصة في سنة 2005 شملت هذه المجاعة كل من مالي بوركينا فاسو موريتانيا تشاد النيجر و بلغ عدد المصابين في هذه الدول اكثر من 3 مليون منهم أكثر من 800 الف طفل

سبب هذه المجاعة هو انتشار الجفاف و زحف الجراد و غلاء أسعار المواد المعيشية كما تميز الوضع الغذائي لهذه الدول بانخفاض المعدلات اليومية للحريرات حيث نجد 6 دول من مجموع 9 دون الحد الأدنى لمعدل الحريرات .

- الوضع الصحي : تتميز هذه الدول بانتشار الامراض خاصة الخطيرة منها و هو ما ادى الى ارتفاع في نسبة وفيات الأطفال و التي تفوق 150 بالالف ( ضعف نسبة الدول النامية ) و هو ما يجعل معدل امل الحياة ضعيف جدا مثال في التشاد 43 سنة.
 3 – انتشار الامية :

- تتميز هذه الدول بنسبة تمدرس ضعيفة جدا في كل من النيجر و بوركينا فاسو ( 3/2 الأطفال لا يلتحقون بالمدارس الابتدائية ) و تكون هذه النسبة ضعيفة في كل من مالي و تشاد و السينغال ( نصف الأطفال لا يدرسون ) و لا تتحسن الا في الراس الأخضر .

- تتميز هذه الدول بانتشار ظاهرة الأمية خاصة في النيجر و مالي و بركينا فاسو حيث تبلغ نسبة الأمية أكثر من 80   بسبب نقص التجهيزات و الإطار التربوي و تنتشر ظاهرة الأمية أكثر في صفوف الإناث و الريفيين .

خلاصة : يختزل مؤشر التنمية البشرية وضعية بلدان الساحل الأفريقي فهي تاتي ضمن ال 50 الأخيرة وتحتل النيجر المرتبة الأخيرة ( 187 ب 0.337) بينما تعد دولة الراس الأخضر الفضل ترتيبا بين دول الأقليم ( المرتبة 123 سنة 2013).

II – بنية اقتصادية هشة :

  1- نمو اقتصادي ضعيف و متذبذب :

- النمو الاقتصادي في هذه البلدان الأقل تقدما بالساحل الإفريقي نمو ضعيف باستثناء التشاد التي حققت نمو مرتفع بداية من سنة 2002 بسبب اكتشاف النفط كما يتميز النمو الاقتصادي لهذه الدول بتذبذبه من سنة الى اخرى و ذلك بسبب تاثر القطاع الفلاحي بتقلبات المناخ .

- تتميز هذه الدول بعدم استقرار معدلات النمو السنوية للناتج الداخلي الخام للفرد باستثناء التشاد و موريتانيا و تكون هذه المعدلات في اغلب الأحيان دون 7 

- تشهد هذه الدول تضخم مالي ملحوظ و ارتفاع هام لأسعار المواد المعيشية مثل الدخن ( نوع من أنواع الحبوب )

    2- فلاحة عاجزة :

تعتبر الفلاحة أساس اقتصاد هذه الدول بحيث تتراوح نسبة تشغيلها بين 50  و 92  و تجمع الفلاحة بين قطاعين :
 أ – الفلاحة التقليدية : تعتمد هذه الفلاحة على نظامين زراعيين متكاملين :

* النظام الزراعي الغابي : يسود هذا النظام في مناطق السافانا و المناطق الغابية و يتركز النشاط الفلاحي على الزراعات البعلية المعاشية مثل الدخن و الدرع و الذرة مع الاستغلال المكثف للغابة و تنشط هذه الفلاحة في اطار مستغلات عائلية صغيرة تعتمد أدوات فلاحية بسيطة و تتميز هذه الفلاحة بتذبذب إنتاجها و ضعف مردودها ( الحبوب 12 قنطار في الهكتار ) كما انها لا تحقق الاكتفاء الذاتي .

* النظام الرعوي الترحالي : هذا النظام هو من اختصاص بعض القبائل الرحل مثل قبائل البال و قبائل الطوارق و هي قبائل رحل تعيش من تربية البقر و الابل و الأغنام بالمناطق الشمالية خاصة في الصحراء و ترتحل هذه القبائل الى الجنوب و رغم ضعف مردود هذا النظام الا ان عدد القطيع في تزايد .
ب – الزراعة العصرية :

هي موجهة للتصدير و تنشط في نطاق ضيعات كبيرة تعتمد على المكننة و الأسمدة و اليد العاملة الاجيرة . و تستغل هذه الزراعة أخصب الأراضي خاصة القريبة من السدود الكبرى على نهري السينغال و النيجر و تقوم هذه الزراعة على تعاطي زراعات صناعية مثل القطن في بوركينا فاسو و الفول السوداني في السينغال و القصب السكري في تشاد و تبقى هذه المنتجات عرضة للمنافسة و لتقلبات الاسعار في السوق العالمية .
3- أنشطة حضرية ضعيفة :
أ – هيمنة الأنشطة الغير مهيكلة في المدن :

- القطاع الغير مهيكل هو النشاط الأساسي بمدن الساحل الإفريقي حيث يشغل هذا القطاع أكثر من 4/3 مواطن الشغل بالعواصم .

- يتميز هذا النشاط بحيوية و قدرته على توفير فرص عمل جديدة للتقليص من حدة البطالة و لادماج النازحين .

- تهيمن الأنشطة الخدمية على اختلاف أنواعها على هذا القطاع مثل تجارة التفصيل و النقل و الإطعام كما يستغل هذا القطاع ورشات صناعية بسيطة تشغل اقل من 5 عمال و هي ذات طابع عائلي .

ب – وظيفة صناعية محدودة :

يرتكز التصنيع في هذه الدول على تحويل المواد الأولية الكيماوية و المنجمية و هي تعتبر صناعات الجيل الأول و تبدو حصيلة التصنيع في هذه الدول محدودة و تبرز هذه الحصيلة من خلال :

- تخصص اغلب الدول في صناعة محددة مثال السينغال في الصناعة الكيماوية التي تعتمد على تحويل الفسفاط إضافة الى بروز الصناعة الغذائية .

- مساهمة ضعيفة للصناعة في الناتج الداخلي الخام لا تتجاوز 30 

- بروز وحدات صناعية صغيرة اغلبها مصانع غذائية .

تتركز هذه الوحدات الصناعية بالمدن العواصم مثال داكار في السينغال و بامكو في مالي

==) صناعة ضعيفة جدا في هذه الدول

III – تجارة ضعيفة و تعويل مفرط على المساعدات الخارجية :

المكانة التجارية لهذه الدولة محدودة جدا في التجارة العالمية لا تتجاوز نسبة 0.04  سنة 2005 و تتميز هذه التجارة بعدة خصائص :
 1- موازين تجارية عاجزة :

  أ – الصادرات : تقتصر صادرات هذه الدول على عدد محدود من المواد الاولية من ابرز هذه الصادرات :

- المواد المنجمية و الطاقية : يعتبر الحديد ركيزة الصادرات في موريتانيا و الاورانيوم في النيجر و الفسفاط في السنغال و النفط في التشاد .

- المواد الفلاحية : تشمل القطن اكثر من من نصف صادرات مالي و الجوز في غينيا و الأسماك في موريتانيا و السينغال .

==) موارد مالية ضعيفة لهذه الصادرات نظرا لتذبذب أسعارها و هيمنة الدول المتقدمة .
 ب – الواردات : تجسد هذه الواردات التبعية الغذائية لهذه الدول و التي لا تحقق اكتفائها الذاتي الغذائي و تضطر الى التوريد و تتميز الواردات الغذائية بعدة خصائص :

- تتراوح قيمة الواردات الغذائية بين 6/1 و 3/2 قيمة الواردات الجملية مثال تستورد السينغال الأرز بما يعادل 4 أضعاف إنتاجها .

- اهم المواد الغذائية المستوردة لهذه الدول القمح في موريتانيا الأرز في السنغال و الدرع في بوركينا فاسو .

==) الموازين التجارية لهذه الدول عاجزة مثال السينغال قيمة عجزها -1065 مليار سنة 2004
 ج – ارتباط هذه الدول باوربا تجاريا :

تتعامل بلدان الساحل الافريقي تجاريا مع البلدان الأوربية التي تقبل بضائع دول الساحل و تعفيها من الضرائب لكن رغم ذلك فان المواد التي تصدرها دول الساحل غير قادرة على المنافسة .

ارتبطت هذه الدول في علاقاتها التجارية مع البلدان التي كانت تستعمرها و هي دول أوربية بالاساس تاتي في مقدمتها فرنسا و تبرز سيطرة فرنسا من خلال انشاء عملة افريقية تسمى الفرنك الافريقي و هي مشابهة لعملة فرنسا القديمة .

كما تبرز العلاقات التجارية بين دول الساحل الإفريقي و الدول المجاورة لها مثل الكوت ديفوار و نيجيريا .
 2- تعويل مفرط على المساعدات الخارجية :

نظرا لانتشار الفقر على نطاق واسع حضيت هذه الدول باهتمام منظمة الأمم المتحدة من خلال :

- إعلان الألفية الصادر عن الامم المتحدة سنة 2000 .

- انعقاد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة المعني بالبلدان الاقل تقدما المنعقد سنة 2001 .

 كما حضيت هذه الدول بمساعدات عمومية من اجل التنمية من ابرز خصائص هذه المساعدات :

- متاتية من البلدان المتقدمة و كذلك البلدان النفطية و المؤسسات الدولية البنك العالمي و صندوق النقد الدولي .

- أشكال متعددة هبات قروض مساعدات غذائية

- تقدر قيمته بأكثر من 3500 مليون دولار ( أكثر من 3/1 الناتج الداخلي الخام لهذه الدول )

أدت هذه المساعدات الى تبعية مفرطة تجاه البلدان المقرضة كما انها لم تحقق تقدما لهذه الدول .

الخاتمة : تتميز بلدان الساحل الإفريقي بحصيلة تنمية ضعيفة جدا ساهمت فيها عديد العوامل .