| -->
منتدى التاريخ والجغرافيا للأستاذ : محمد كريفة منتدى التاريخ والجغرافيا للأستاذ : محمد كريفة

دروس

آخر الأخبار

دروس
randomposts
جاري التحميل ...
randomposts

Printfriendly

درس : البلدان الأقل تقدما بالساحل الأفريقي : ظروف التنمية


مقدّمة
سعت بلدان الساحل الإفريقي إلى تحقيق التنمية مستغلة بعض المقومات الطبيعية والبشرية وكذالك المالية، غير أن الظروف الداخلية والإقليمية والعالمية لم تكن بصفة عامة مساعدة على تحقيق التنمية وهو ما يفسر المراتب العالمية المتدنية جدا التي تحتلها بلدان الساحل الإفريقي على جميع المستويات.

I. ظروف بشرية غير مساعدة على تحقيق التنمية
1. انفجار ديمغرافي هائل
تشهد بلدان الساحل الإفريقي انفجارا ديمغرافيا: تضاعف عدد السكان 4 مرات منذ 1950 بسبب المستوى المرتفع للإنجاب: مؤشر الخصوبة في النيجر وبوركينا فاسو يفوق 7 ، وهو ناجم عن الزواج المبكر للفتيات والتشبث بالتقاليد الإنجابية .

تنتمي بلدان الساحل الإفريقي للطور الأول من الانتقال الديموغرافي بسبب حفاظ نسب الولادات على مستويات عالية جدا ( بين 30 و48 ‰ ) وتراجع الوفيات بين ( 13 و22‰ ) النمو الطبيعي إلى أكثر من 2 بكل بلدان الساحل الإفريقي.
2. تبعات الانفجار الديمغرافي:
أ‌. الفتوة السكانية :
أكثر من 50 من السكان دون 20 سنة وهو ما يستوجب توظيف استثمارات هامة في المجال الاجتماعي على حساب الاستثمار الاقتصادي وخلق مواطن الشغل.
ب‌. الضغط على الأرض الزراعية :
التزايد السريع للسكان زاد من الطلب على الأرض وهو ما استوجب استصلاح الأراضي الغابية والأراضي الفقيرة وتكثيف الدورة الزراعية بالتقليص من مدة البور الزراعي. لكن ذالك لم يرفع في الإنتاج بل أخل بالتوازنات البيئية لمناطق عديدة وعرضها لخطر التصحر .
ت‌. تفاقم الهجرة واتساع مجالاتها داخليا وخارجيا .
- داخليا : حركة النزوح الريفي: انفجار حضري وانتشار أحياء فقيرة حول المدن.
- خارجيا : 

+ من بوركينا فاسو والنيجر مناطق الغراسات التجارية بالكوت ديفوار.
+ من النيجر نيجيريا ( بلد نفطي )
+ من موريتانيا المناطق السقوية بالسنغال.
+ من كامل البلدان أوروبا الغربية. تحوّلت نتيجة التضييقات على الهجرة إلى هجرة سرية تتم عبر بلدان المغرب العربي وتعرض المهاجرين إلى مخاطر كبيرة .
II. سياسات تنموية وطنية تعضدها المنظمات الدولية
اتبعت البلدان الأقل تقدما في الساحل الإفريقي نماذج تنموية مختلفة قبل الثمانينات من القرن الماضي. لكن خلال الثمانينات والتسعينات توحدت التجارب حول النموذج الليبرالي ( الإصلاح الهيكلي + برامج تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة). وقد ارتكزت التنمية بهذه البلدان على تطوير الموارد وعلى دعم العمل المشترك بينها وعلى معاضدة المنظمات الدولية .
1. محاولات تطوير الموارد
تطوير الموارد البشرية
وذالك من خلال :
- محاولات الحد من الانفجار الديموغرافي من خلال برامج تنظيم النسل المدعمة من المنظمات الدولية لكنها برامج محدودة النتائج لأن العمل بها بدأ بصفة متأخرة : بعد الندوة العالمية للسكان المنعقدة بالقاهرة .1994
- تخصيص نسب متزايدة من الميزانية للنفقات الصحية والحد من انتشار الأوبئة وأمراض الأطفال ومكافحة "السيدا ". إلا أن تطبيق هذه البرامج يصطدم بنقص التمويل.
- إصلاح النظم التعليمية. بهدف تعميم التعليم والحد من انتشار ظاهرة الأمية ووضع برامج لمكافحة الفقر.
تطوير الموارد من الأرض الزراعية ، من خلال :
- حل المسألة العقارية (فقدان الأمن العقاري ) إذ أن 95 من العقارات تخضع لنظام الملكية المشاعة (قبلية أو جماعية قروية )
- تطوير الأوضاع العقارية وتحقيق التنمية الفلاحية في إطار النموذج الاشتراكي من خلال تجميع الأرض وتكوين تعاونيات فلاحية (مالي + السنغال في الستينات وبوركينافاسو في 70السبعينات ). لكن بسبب النتائج الهزيلة ومعارضة الريفيين تم التخلي عن هذه السياسة...
تطوير الموارد الأولية والطاقية: اكتشاف النفط في موريتانيا وتشاد وأصبحت دول مصدرة للنفط...
2. دعم العمل المشترك بين دول الساحل الإفريقي ومعاضدة المنظمات الدولية
دعم العمل المشترك :
تسعى بلدان الساحل الإفريقي إلى تنسيق جهودها التنموية من خلال :
- تكوين مؤسسات مشتركة: "اللجنة الدولية المشتركة لمقاومة الجفاف"، و"نادي الساحل" وهي مؤسسة تهتم بالدراسات.
- الانخراط في تجمعات ذات طابع إقليمي مثل "تجمع بلدان جنوب الصحراء".
- عقد الندوات وإطلاق المبادرات المشتركة التي كثيرا ما تصطدم بصعوبات مادية وسياسية تحول دون تطبيقها.
معاضدة المنظمات الدولية .
تعتبر منطقة الساحل الإفريقي من أكثر مناطق العالم تدخلا للمنظمات الدولية كمنظمة الأغذية والزراعة والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والمنظمة العالمية للصحة والمنظمات غير الحكومية التي يزيد عددها عن 1500 منظمة كلها تسهم في معاضدة المجهود التنموي للبلدان الأقل تقدما بالساحل الإفريقي من خلال :
- حث البلدان الغنية على تقديم المساعدات.
- إطلاق المبادرات لصالح هذه البلدان مثل "مبادرة المعونة من أجل التجارة (تطالب بإعفاء بضائع البلدان الأقل تقدما من الضرائب الجمركية )" مبادرة تخفيض سعر الأدوية الخاصة بمعالجة أمراض "السيدا "
- تنظيم المؤتمرات العالمية (مؤتمر الأمم المتحدة الثالث الخاص بأقل البلدان تقدما ببروكسال 2001 . الذي وضع برنامج عمل لتحقيق أهداف الألفية الثالثة . لكن تقييمات الأمم المتحدة الخاصة بتطبيق البرنامج في البلدان الأقل تقدما بالساحل الإفريقي بينت أن ما تحقق من البرنامج هو دون المأمول رغم مضي نصف المدة الخاصة بتطبيق البرنامج الذي ينتهي العمل به في سنة 2015 .
III. ضغوطات الموقع ومحدودية الموارد الطبيعية
1. موقع جغرافي متعدّد الضغوطات
تقع بلدان الساحل الإفريقي في منطقة طرفية تتميز بالبعد عن المسالك التجارية العالمية، وفقر البلدان المحيطة بها، ودور الصحراء الكبرى كحاجز طبيعي يصعب عبوره من الشمال.
وهي عوامل ترفع في تكاليف النقل تتفاوت بين صنفين من البلدان:
- بلدان ذات واجهات بحرية موريتانيا، السنغال، غينيا بيساو، غامبيا... ثروات بحرية وسياحة شاطئية ).
- بلدان ذات مجالات منحبسة ( لا تنفتح على مجالات بحرية ) تشاد، النيجر، مالي، بوركينا فاسو ارتفاع تكاليف النقل بالنسبة إلى المواد المصدرة والمورّدة...
2. بيئة يغلب عليها الجفاف وكوارث طبيعية متواترة
تتميّز بلدان الساحل الإفريقي بهيمنة المناخات الجافة: 70 من المساحة الجملية مناطق قاحلة أوشبه جافة، إضافة إلى تعدد أزمات الجفاف الحادة والشاملة أو فياضات خطيرة ( نهري السنغال والنيجر ) والجراد تعمق من حدة الفقر، وقتل آلاف السكان والحيوانات وتنشط الهجرة الداخلية نحو المدن ونحو المناطق الجنوبية الرطبة ....
3. موارد محدودة من الأرض الزراعية
- ضيق المساحة الصالحة للزراعة (30 من المساحة الجملية ) بسبب الجفاف .
- ترب فقيرة تحتاج إلى كميات إضافية من الأسمدة الكيميائية لا يقدر الفلاح على توفيرها والذي يلجأ في منطقة السفانا إلى طريقة الترميد لتخصيب التربة وهي عملية تضر بالأفق العلوي للتربة .
- محدودية الموارد المائية السطحية والجوفية بسبب محدودية كميات الأمطار السنوية وتذبذبها الحاد . ورغم محاولات تعبئة الموارد المائية المتاحة ( السدود على نهر السنغال والنيجر، قناة الساحل للري ) التي مكنت من تهيئة مساحات سقوية هامة بالسنغال والنيجر فإن المساحة السقوية لا تتجاوز 1 من المساحة الجملية الصالحة للزراعة.
4. موارد طاقية ومنجمية محدودة
- ضعف الموارد المنجمية ( الحديد وكميات ومعادن أخرى تنتج بكميات متواضعة ) والطاقية الاعتماد على استهلاك الطاقة التقليدية بنسبة 80 . ويكتسي مشكل الطاقة بعدين :
*بعد بيئي: تراجع مساحة الغابات وتزايد أخطار التصحر من جراء الزيادة الكبيرة لاستهلاك الخشب.
* بعد مالي: ارتفاع كلفة الواردات النفطية التي أصبحت تلتهم نسبة هامة من مداخيل الصادرات في وقت تحتاج فيه بلدان الساحل الإفريقي لتوريد الغذاء أولا ....
IV. موارد مالية محدودة وظروف إقليمية ودولية غير ملائمة
1. موارد مالية محدودة رغم تنوّع مصادرها
موارد مالية متأتية من الصادرات (خامات ونفط ومواد صيد بحري ) ومن الهجرة إلى البلدان المجاورة وخاصة إلى أوروبا: 180 مليون يورو سنة 2004 = بنسبة هامة في تكوين الناتج الداخلي الخام ببعض بلدان الساحل (52 في مالي) وهي توظف أساسا في المشاريع ذات الطابع الاجتماعي (مدارس، زواج ، الآبار..) ونادرا ما توظف في البنية التحتية وفي المشاريع التنموية الفلاحية والصناعية . ويبقى دور النشاط السياحي محدودا في توفير العملة الصعبة رغم محاولات تطويره .
2. قدرة محدودة على جلب الاستثمار الأجنبي المباشر
تعتبر منطقة الساحل الإفريقي منطقة هامشية بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة (0.5 من المجموع العالمي ) ويعود ذالك إلى ضعف البنية التحتية والفساد المالي وسوء التسيير وعدم الاستقرار السياسي. ولئن مكنت سياسة الخوصصة للقطاع العام من إغراء بعض الشركات الغربية من الاستثمار في قطاعات اقتصادية حيوية ( مناجم، طاقة، اتصالات، سياحة ..) فإنها دعمت التبعية الاقتصادية لهذه البلدان تجاه الدول الغربية ..
3. مديونية عالية رغم تخفيف عبء الدين لبعض البلدان
لجوء بلدان الساحل الإفريقي لتمويل مجهودها التنموي خلال السبعينات إلى الاقتراض من الخارج أوقعها في فخ المديونية. حيث أصبحت مواردها مجندة لخدمة الدين . ورغم قرار البلدان الصناعية الكبرى شطب جزء هام من ديون البلدان النامية الأقل تقدما ومن يبنهم بلدان الساحل الإفريقي فإن مسألة المديونية تبقى قائمة وتعيق التنمية، وساهم تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي في مزيد تفاقم الأزمة الاجتماعية...
4. ظروف داخلية وإقليمية صعبة
تعددت الأزمات السياسية والنزاعات الأهلية المسلحة ( تشاد ـ مالي ـ النيجر ـ أزمة دارفور ...) وأثرت سلبا على المجهود التنموي ( هجرة ـ تردي الأوضاع الصحية والتعليمية ـ التدخل الأجنبي ..)
5. تدهور طرفي التبادل التجاري
وذالك نتيجة تواصل انخفاض أسعار المواد الأولية التي تصدرها البلدان الأقل تقدما بالساحل الإفريقي مقارنة بأسعار المنتوجات الصناعية التي توردها. كما أدت سياسة الدعم التي تتوخاها البلدان الصناعية وخاصة الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي لصادراتها الفلاحية إلى إغراق الأسواق العالمية والتخفيض من أسعار المنتجات الفلاحية التي تصدرها البلدان الأقل تقدما بالساحل الإفريقي وبالتالي حرمانها من مداخيل هامة يمكن استثمارها في مقاومة الفقر والحد منه ...
خاتمة
تبدو الظروف الحالية لبلدان الساحل الإفريقي غير مواتية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة وبات من الضروري تطوير مواردها البشرية للخروج من وضعية البلدان الأقل تقدما في العالم
بقلم : الأستاذ محمد كريفة

بقلم : الأستاذ محمد كريفة

تونسي الجنسية من القلعة الصغرى ولاية سوسة أستاذ أول مميز في مادتي التاريخ والجغرافيا , أدرس الآن بمعهد الوسلاتية ولاية القيروان .

مدونة منتدى التاريخ والجغرافيا هى مدونة تعليمية عربية تونسية مهتمة بمجال التاريخ والجغرافيا موجهة أساسا لتلاميذ الباكالوريا شعبتي الآداب والاقتصاد والتصرف كما يمكن لبقية المستويات الاستفادة منها , تقدم كل ما يحتاجه التلميذ والأستاذ من دروس ومنهجية واحصائيات ..., تم انشاء المدونة بداية العام 2018 وكان الغرض منها تقديم كل ماهو جديد فى مادتي التاريخ والجغرافيا ,