درس : الولايات المتحدة الأمريكية: الميغالوبوليس
المقدمة :الميغالوبوليس
الأمريكيّة هي القلب النابض للاقتصاد الأمريكي وأحد مراكز الاقتصاد العالمي نظرا
لكونها رمزا للقوة الاقتصادية وللنفوذ العالمي للولايات المتحدة.
-
فما هي مكوّنات
الميغالوبوليس؟
-
وما هي مظاهر نفوذها
الوطني والعالمي؟
-
وما هي العوامل
المفسّرة لقوّتهـا؟
I- الميغالوبوليس الأمريكية : إقليم حضري كثيف :
1. الميغالوبوليس : الموقـع والمكـوّنـات :
تمتد الميغالوبوليس
الأمريكيّة في شمال شرقي الولايات المتّحدة الأمريكيّة على طول 750 كلم من بوسطن شمالا
إلى واشنطن جنوبا وعلى عرض يتراوح بين 100 و 200 كلم بين ساحل المحيط
الأطلنطي شرقا والسفح الشرقي لجبال أبلاش غربا وتكوّن الميغالوبوليس الأمريكيّة
وحدة حضرية نتيجة لتلاحم مدنها، ويبلغ عدد سكانها 50 م ساكن أي ما يقارب 16% من مجموع سكان
الولايات المتّحدة، إضافة إلى كثافة سكانية مرتفعة ودرجة تحضّر عالية بلغت 90%.
2. الميغالوبوليس:إقليم
تهيكله شبكة كثيفة ومتراتبة من المدن:
تبرز الميغالوبوليس في شكل شبكة حضرية كثيفة
تهيكلها عدّة مدن تنتظم في شكل 23 منطقة حاضرية ضخمة يمكن
تصنيفها بين أربع مستويات:
- منطقة
حاضرية عالمية تتمثل في مدينة نيويورك التي تعد ثاني أكبر مدينة في
العالم بـ 19 م س.
- ثلاث مناطق
حاضرية كبيرة جدا وهي بوسطن وفيلادلفيا وواشنطن التي
يتراوح عدد سكان كل منها بين 2.5 و5 م س.
- خمس مناطق حاضرية كبيرة
منها هارتفورد وبروفيدانس وروكستر، ويتراوح عدد سكان كل منها
بين 1 و 2 م س.
- منطقة حاضرية متوسطة الحجم مثل دوفر وأطنلنطيك
سيتي ونيوهافن وبريدجبورت، ويتراوح عدد سكان كل منها بين 500 ألف ومليون س.
II- الميغالوبوليس الأمريكية : مجال مؤثّر قطريّا وعالميّـا :
1. الميغالوبوليس: مركز الولايات المتّحدة ورمز قوّتها :
تعدّ الميغالوبوليس القلب النابض للاقتصاد
الأمريكي إذ تساهم بـ28,3 % من الناتج الداخلي الخام الأمريكي )سنة 2017 لكن الركيزة الأساسيّة للقوة الإنتاجية
للميغالوبوليس تكمن في دورها في قطاع الخدمات حيث تساهم بنسبة عالية من مجموع
نشيطي هذا القطاع( يوفر 83%من مواطن الشغل غير الفلاحي) .
وتقترن القوة الإنتاجية للميغالوبوليس بدرجة تحكم عالية قي
اقتصاد الولايات المتّحدة إذ تأوي الميغالوبوليس 30 % من المقرّات الاجتماعية للشركات 250 الأولى وتستأث ر عموما بأهمّ الوظائف التقريريّة والقيادية .
وتبرز مدينة نيويورك كعاصمة اقتصادية للولايات
المتحدة حيث يحتضن إقليم أعمالها المركزي المقرات الاجتماعية لكبرى الشركات
الأمريكية عبر القطرية وحتى الأجنبية كما تستأثر بورصتها (وال ستريت) بـ 85% من إجمالي الرسملة بالبورصة في الولايات
المتّحدة.
كما تحتضن الميغالوبوليس العاصمة الفيدرالية
واشنطن مركز القرار السياسي الذي يشمل نفوذه كافة المجال الأمريكي وحتى
العالمي.
2. الميغالوبوليس:أبرز المراكـز
المحـرّكة للمجـال العالمـي:
تستمد الميغالوبوليس
نفوذها العالمي من خلال دور حاضرتي نيويورك وواشنطن فمدينة نيويورك تضم مقر الأمم
المتحدة وهياكلها التنفيذية وفي مقدمتها مجلس الأمن الذي تشمل قراراته كافة دول
العالم. كما تضم أيضا عديد المؤسسات الدولية الأخرى مثل مقر منظمة التجارة
العالمية... وكذلك أول بورصة في العالم وهي وال ستريت التي تجسّد النفوذ النقدي
للولايات المتحدة.
أما واشنطن فهي مركز
القرار السياسي قطريا وعالميا حيث يجسّد البيت الأبيض ومقرّا الحكومة الفيدرالية
والكونغرس والبنتاغون هذا النفوذ وهذا الوزن السياسي.
ويترافق هذا الوزن السياسي مع دور مالي يجسده وجود مقرات
عدد من المنظمات الدولية والإقليمية مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
III- عـوامـل قـوّة الميغالوبوليس:
تستند قوّة الميغالوبوليس إلى عوامل جغرافية
وبشرية وهيكلية وتنظيمية.
1. مزايـا الموقـع الجغـرافـي:
تقع الميغالوبوليس قبالة واجهة بحرية تطل على المحيط
الأطلنطي وخلفها واجهة بحرية داخلية تشرف على البحيرات الكبرى وهو ما يسمح لها
بالانفتاح على المجالين الوطني والخارجي، فخارجيا تنفتح الميغالوبوليس مباشرة على
أوروبا وتتعدّد على الساحل الأطلنطي الخلجان الطبيعية التي سهلت إنشاء عدة موانئ
كانت النواتات الأولى لأكبر مدن الميغالوبوليس وهي الآن تلعب دورا كبيرا في
المساحلة وانفتاح الميغالوبوليس على الاتحاد الأوروبي أكبر الأطراف التجارية التي
تتعامل معها الولايات المتّحدة.
2. رصيد بشري هام وثري تغذيـه الهجرة الوافدة:
يمثل الرصيد البشري إحدى مقوّمات قوة الميغالوبوليس
فقد مثل المحطة الأولى في نشأتها حيث توافد المهاجرون الأوائل الذين قدموا من
أوروبا منذ القرن السابع عشر وأنشئوا الموانئ وركزوا أولى الأنشطة التجارية ثم
الصناعية. والى اليوم يتواصل توافد المهاجرين على الميغالوبوليس تجتذبهم مدنها
وحيويتها حيث دخلها إلى جانب استقبالها المتواصل للوافدين من الخارج إذ استقبلت 7.4 مليون مهاجر بين 2011 و 2017 ووفر الوافدون الجدد
رصيدا من الكفاءات ومن اليد العاملة استفاد منها اقتصاد الميغالوبوليس.
ويتميّز الرصيد البشري للميغالوبوليس بضخامته
العدديّة: 50 م س. وبدرجة تحضّر
عالية: 90% وبارتفاع معدل الدخل
الفردي الذي يفوق المعدل الوطني: بين 36 و 55 ألف $ في السنة مما يضمن
سوقا استهلاكية واسعة لاقتصاد الإقليم.
3. العوامل الهيكليّة والتنظيميّـة:
أ- تنوّع وتطوّر البنية
التّحتيّة للنقل والمواصلات:
تمتلك الميغالوبوليس شبكات نقل متنوعة وكثيفة تشمل
المطارات الدولية التي بلغ إجماليّ عدد مسافريها 160 مليون سنة 2017 وتبرز من ضمنها مطارات
نيويورك الثلاثة الكبرى كمطارات محورية وطنيا وعالميّا. إلى جانب ذلك نجد شبكة
الطرقات التي مكنت من التحام مدن الميغالوبوليس بعضها ببعض ومن ربطها بمنطقة
البحيرات وبغرب البلاد وجنوبها، وبفضل هذه الشبكة أصبحت الميغالوبوليس تتحكم في
كامل التراب الوطني الأمريكي.
كما طورت مدن الميغالوبوليس تجهيزاتها الثقافية
والترفيهية فأصبحت قبلة السياح من داخل البلاد ومن خارجها فنيويورك لوحدها استقطبت 65,7 مليون مسافر سنة 2017 .
ب- تنظيميّـا : قدرة
فائقة على التحول والتجديد :
تمكنت مدن الميغالوبوليس من تجاوز أزمة صناعات الجيل
الأول من خلال تطوير أنشطة صناعية بديلة تتمثل أساسا في صناعات التكنولوجيا
العالية، وهكذا أصبحت الميغالوبوليس تحتل المرتبة الثانية بعد ولاية كاليفورنيا في
هذا المجال وأصبح الطريق رقم 128 حول مدينة بوسطن القطب التكنولوجي الثاني في
الولايات المتّحدة بعد منطقة سيليكون فالّي في كاليفورنيا. وقد استفادت أنشطة
التجديد من وجود جامعات على الطراز العالمي مثل جامعات هارفارد وكولومبيا
وستاتفورد، إضافة إلى معاهد البحث العلمي مثل معهد ماساسوشيتد للتكنولوجيا. وقد
ساهم وجود هذه المؤسسات الراقية في جذب المؤسسات الاقتصادية الأجنبية خاصة إلى مدن
الميغالوبوليس.
خــاتــمــــة
رغم بروز المجرات الحضرية الناشئة في الغرب
الأمريكي، ورغم تنامي مكانة الميغالوبوليس الأوروبية واليابانيّة، فإن
الميغالوبوليس الأمريكيّة لا تزال مجالا مؤثّرا في الاقتصاد المحلي والعالمي وفي
العلاقات الدولية وهي بإيجاز محرك يختزل القوة والنفوذ الأمريكيّين.
فكيف تبرز صورة الاتحاد الأوروبي مقارنة بهذا الإطار
الأمريكي المتعاظم ؟
شاهد أيضا
