درس : البرازيل بلد صناعي جديد(الجزء1) القفزة الاقتصادية البرازيلية

درس : البرازيل بلد صناعي جديد(الجزء1)
القفزة الاقتصادية البرازيلية

المقدمة : تحول البرازيل الى بلد صناعي جديد بعد قفزة اقتصادية تحققت خلال 40 سنة وأصبح هذا البلد قوة إقليمية هامة في الميدانين الصناعي و الفلاحي
ماهي مظاهر هذه القوة وماهي دعائمها؟

I – مظاهر القفزة الاقتصادية :
1- قوة صناعية بارزة ضمن الجنوب :
بدأت جهود التصنيع في البرازيل قبل الحرب العالمية الثانية و استندت الى تجربة التصنيعية الى وفرة المنتجات الفلاحية و المنجمية و تنقسم الصناعة البرازيلية إلى عدة أصناف :

أ – صناعات قديمة لها مكانة مرموقة ( الجيل الأول) :
- انطلقت التجربة التصنيعية بشكل فعلي بعد أزمة الثلاثينات بتشجيع من طرف الدولة .
- ركزت البرازيل على الصناعات الثقيلة و بالتحديد الصناعة التعدينية حيث ظهرت شركات برازيلية كبرى تهيمن عليها الدولة مثال سيدربراس و تتركز هذه الصناعات في منطقة ميناس غرايس .تحتل صناعة الفولاذ والألومنيوم المرتبة السابعة عالميا سنة 2016 رغم الفتور النسبي الذي أصاب هذه الصناعات .   كما تحتل الصناعات الغذائية  مكانة عالمية هامة فالبرازيل مثلا هو أوّل مُنتج للسُكّر في العالم بـ1/5 الإنتاج العالمية سنة 2016 .

ب – تدعم صناعات الجيل الثاني :

من ابرز صناعات الجيل الثاني في البرازيل إضافة للصناعات الكيماوية نجد صناعة السيارات التي تتميز بعدة خصائص :
- الانطلاقة الفعلية لهذه الصناعة كانت منذ منتصف الخمسينات ثم تطورت في منتصف الثمانينات بتأسيس اكبر شركة سيارات في البرازيل وهي شركة اتولاتينا .
- استقطبت البرازيل الشركات العالمية المختصة في بناء السيارات مثال شركة جنرال موتورز الأمريكية و شركة طويوتا اليابانية .
- تحول البرازيل بسرعة إلى تاسع منتج للسيارات ورابع منتج للحافلات في العالم سنة 2016.ولكن هذه الصناعة تعاني من حدة المنافسة الأجنبية وصعوبة الترويج

ج – حيوية صناعات التكنولوجيا العالية ( الجيل الثالث) :

اقتحم البرازيل ميدان الصناعات المتطورة بفضل الاستثمارات الأجنبية المباشرة و يمكن تقسيم هذه الصناعات الى عدة أقسام :
* الصناعة النووية : يملك البرازيل محطتين نوويتين وقع تركيزهما بمساعدة من الدول المتقدمة
* صناعة الطائرات : يعتبر البرازيل رابع منتج للطائرات في العالم و يملك شركة امبرائير و يصدر البرازيل الى عدد كبير من الدول بما فيها الدول المتقدمة لان هذه الطائرات تتميز بصغر حجمها و قلة تكلفتها
* صناعة الأسلحة : يعتبر البرازيل من أهم البلدان المنتجة للأسلحة الخفيفة و الثقيلة بفضل إسهامات الشركات العبر القطرية
رغم قوة الصناعة البرازيلية الا أنها تعاني من بعض الصعوبات حيث تضطر الى توريد التجهيزات الجديدة
==) أصبح قطاع الصناعة في البرازيل يساهم بنسبة 52.4 من مجموع الصادرات البرازيلية

2- عملاق فلاحي :

أ – اولية الزراعات التصديرية :

نمت هذه الزراعات منذ عهد الاستعمار البرتغالي و تدعمت منذ سنة 1964 نتيجة التركيز على التصدير و نتيجة الاستفادة من القروض و الامتيازات التي وفرتها الدولة و مؤسساتها و تتميز هذه الزراعة بعدة خصائص :
- تنتظم هذه الزراعة صمن مستغلات كبيرة تفوق مساحتها 1000 هكتار و تطلق عليها تسمية اللاتيفنديا و هي تابعة للشركات العبر قطرية
- تندمج هذه الزراعة في اطار المركب الفلاحي الغذائي التصديري و الذي تسيطر عليه شركات عالمية كبرى مثل شركة دانون و شركة نستلي ويسيطر هذا المركب الفلاحي على 3/1 إجمالي الناتج الداخلي الخام و على 40 من مجموع الصادرات .
- تتميز هذه الزراعات بتنوعها و باحتلالها مراتب عالمية متقدمة من ذلك تنامى إنتاج قصب السكر والقوارص والقهوة والسكر والصوجا والغلال مما سمح للبرازيل بإحتلال المراتب الأولى عالميا ونسب هامة من الإنتاج العالمي حيث تُعدّ البرازيل أول مُصدّر للقهوة والصوجا والسكر والتبغ ولحوم الأبقار سنة 2016

ب – زراعات معاشية هامشية :

- هي زراعات عائلية بالأساس مثل الارز و القمح و ترتبط بالصناعات الغذائية لفقراء البرازيل و من اهم المنتجات التي يقبل عليها البرازيليون اللوبيا .
- توفر هذه الزراعات المعاشية 4/3 اليد العاملة الفلاحية و تنتظم هذه الزراعة ضمن مستغلات صغيرة تطلق عليه تسمية المينيفنديا و الميكروفنديا
- تنتشر في الشمال الشرقي للبرازيل و لا تحضى بإمكانيات تعصير كبيرة و يتميز دخل أصحابها بضعفه
- تشهد هذه الزراعات ركود في الإنتاج كما تتميز بتراجع مردودها و هي غير قادرة على تلبية حاجيات السكان .

3- تجارة خارجية نشيطة :

أ – حضور متنامي في الأسواق العالمية :

شهدت التجارة الخارجية البرازيلية نمو متواصل منذ سنة 1964 و تزايد نسق النمو منذ التسعينات بفضل اتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تتمثل في خفض الاداءات القمرقية و تطوير الخدمات الموجهة للمؤسسات .
- ترتكز قوة التجارة البرازيلية على الصادرات التي تضاعفت قيمتها حوالي 12 مرة منذ 1970 اتصبح قيمتها في حدود 118 مليار دولار و تضم صادرات البرازيل عدة قطاعات من أبرزها المنتوجات الصناعية ( 53.3 ) و منتجات فلاحية ( 32.5 ) .
- نتيجة لارتفاع الصادرات تخلصت البرازيل من عجز الميزان التجاري و اصبحت تحقق فائض يقدر 44.7 مليار دولار سنة 2005
- تتعامل البرازيل مع عدة إطراف تجارية من ابرزها بلدان الثالوث التي تسيطر على نسبة 45 من مجموع المبادلات إضافة الى بعض الدول النامية مثل الصين و الارجنتين
رغم هذه القوة الا ان البرازيل يعاني من بعض الصعوبات مثل بقاء التجارة الخارجية للبرازيل تجارة دولة نامية و التبعية التي تعاني منها البرازيل تجاه أسواق الدول المتقدمة .

ب – وزن عامي متزايد :

* البرازيل قوة إقليمية : يلعب البرازيل دورا أساسيا في بعث منظمة المركسور التي تأسست سنة 1991 و تضم دول من أمريكا الجنوبية و تهدف الى تطوير العلاقات بين الدول و تعتبر البرازيل اهم دولة في هذه المنظمة .
* إشعاع عالمي : يبرز هذا الإشعاع من خلال عدة معطيات :
- نمو استثماراته في الخارج تضاعفت قيمتها 7 مرات بين سنتي 1980و 2015
- ظهور شركات عبر قطرية برازيلية مثل سيدروبراز و بيتروبراز
- تزعم البرازيل الدول الناطقة باللغة البرتغالية و هو ما يعرف باسم العالم اللوزوفوني
- تسيطر البرازيل من خلال أنشطة الترفيه المتنوعة خاصة في مجال الرياضة و السياحة و الكرنفال و المسلسلات ...
- تتبنى البرازيل قضايا العالم النامي و تتكلم باسمه في اجتماعات المنظمات الدولية
مظاهر قوة عديدة تتميز بها البرازيل رغم بعض الصعوبات ماهي دعائم هذه القوة .

II – دعائم القوة :
1- تعاقب نماذج التنمية ( دعائم تنظيمية و هيكلية) :

اعتمد البرازيل منذ الثلاثينات على ثلاث نماذج تنمية وهي :
قبل 1964 : السعي الى بناء اقتصاد وطني بالتصنيع المعوض للتوريد (1964 – 1985 ) نموذج التنمية المتخارج بالتصنيع الحاث على التصدير منذ 1985 الانفتاح الاقتصادي بتحرير التجارة الخارجية و خوصصة المؤسسات العمومية
- سياسة التحرر الاقتصادي و بداية التصنيع عن طريق الدولة بالتعويل على الموارد الوطنية .
- مواصلة جهود التصنيع و تطوير البنية الأساسية بإنجاز مشاريع ضخمة كمد الطرقات و بناء العاصمة الجديدة .
- التعويل على النمو الاقتصادي لبناء الوحدة الوطنية و الحد من اللامساواة و مواجهة مسالة تخلف الشمال الشرقي . - تعاظم دور الدولة في الحياة الاقتصادية .
- اللجوء الى رؤوس الاموال الأجنبية و الاعتماد على التصدير لتحقيق النمو الاقتصادي .
- اللجوء الى رؤوس الأموال الأجنبية و الاعتماد على التصدير لتحقيق النمو الاقتصادي .
- دعم الفلاحة التصديرية
- تنشيط جبهات الريادة ( المنطق النائية )بفتح الحوض الامزوني امام المعمرين و المستثمرين خصوصا منذ 1970
- تحديث شبكات النقل و مد الطريق العبر امزونية
- التعويل على ضعف الأجور . - توجه البرازيل نحو الليبرالية الجديدة بين سنتي 1990-2002
- الانسحاب التدريجي للدولة من الحياة الاقتصادية و المشاركة في الانتاج .
- الانسحاب التدريجي للدولة من الحياة الاقتصادية و المشاركة في الإنتاج
- فك التقنين و فتح السوق الداخلية امام المنتجات الصناعية الأجنبية
- إعادة الهيكلة المؤسسات العمومية الكبرى
- إصدار عملة جديدة سنة 1994 الرايال
- تفاقم افة الدين و التضخم المالي و البطالة .

2- رصيد بشري هام :

أ- أهمية النشطين :

- بلغ عدد سكان البرازيل أكثر من 186 مليون ساكن و يعتبر هذا العدد الكبير طاقة استهلاكية هامة لكنها متواضعة القدرة الشرائية لان الدخل الفردي للبرازيل و رغم ارتفاعه في السنوات الأخيرة مازال منخفضا في حدود 8500 دولار
- يملك الرازيل رصيد ضخم من النشطين حيث يقدر نسبة النشطين بحوالي 56 من مجموع السكان و يعتبر هذا الرصيد البشري الهام من ابرز العوامل التي ساعدت البرازيل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية لان اليد العاملة زهيدة الثمن مقارنة بالدول الأخرى
- تتميز البرازيل بنمو ديمغرافي مرتفع نسبيا ساهم في دفع وزن فئة النشطين رغم السلبيات التي ترافق هذا النمو السريع ( ارتفاع تكاليف التغطية الاجتماعية للسكان)

ب – روح ريادية متجددة :

* الهجرة الخارجية : استفاد البرازيل من تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين منذ القرن السادس عشر من مختلف القارات و خاصة من القارة الأوربية و بالتحديد من البرتغال و أسبانيا و قد ساهم هؤلاء المهاجرين في تعمير البلاد نركيز أنشطة فلاحية جديدة .
- وفرت الهجرة العبيد من إفريقيا يد عاملة ضرورية لضيعات القصب السكري و القهوة و لاقطن .
- في الفترة الحالية يستقطب البرازيل سنويا أكثر من نصف مليون مهاجر اندمجوا في مجتمع واحد متعدد الأعراق و الثقافات .
* الهجرة الداخلية : منذ القرن السابع عشر بدأت الموجات التعميرية المتعاقبة من المناطق الساحلية الشرقية في اتجاه مناطق الشمال و الغرب للبحث عن الأراضي الجديدة و الثروات و تدعمت هذه الحركة منذ السبعينات و ساهمت في تطوير المناطق الاقل حظا في البرازيل
هذه الهجرات ساهمت في احياء قسط كبير من أراضي الوسط الغربي و الشمال و لكنها لم تخفف من الاكتظاظ في المناطق الساحلية .

3- وفرة الثروات الطبيعية و مجهود التحكم في المجال :

أ – اهمية الثروات الطبيعية :

- يتميز البرازيل بمساحته الشاسعة التي تفوق 8.5 مليون كلم و هو ما وفر مخزون هام من الأراضي الفلاحية تقر مساحتها ب 480 مليون هك .
- يتميز البرازيل بتعدد الأقاليم المناخية حيث نجد في هذه الدولة عدة مناخات من أبرزها المناخ الاستوائي و المناخ المداري بمختلف اصنافه و قد ساهم ذلك في تنويع المنتوجات الفلاحية و توفير شبكة نهرية كثيفة تتركز خاصة حول نهر الامازون الذي يعتبر من اضخم انهار العالم .
- يتميز البرازيل كذلك بوفرة الثروات المنجمية مثال الحديد ذكر ارقام و مكان تواجده ( كارخاس) .
- تزايد انتاج الطاقة في البرازيل حيث تم اكتشاف حقول نفط جديدة و التعويل على الطاقات البديلة مثل القصب السكري و الطاقة الكهرمائية و النووية و بذالك حقق البرازيل نسبة تغطية هامة تقدر ب 90
=) وقع استنزاف الطاقات البرازيلية من خلال الاستغلال المكثف للغابة الامازونية .

ب – السعي الى التحكم في المجال :

انطلق التحكم في المجال البرازيلي منذ القرن 16 و ارتبط هذا التحكم بدورات اقتصادية هدفها توسيع المجال المعمور و ربط الاقاليم ببعضها البعض من ابرز هذه الدورات : دورة القصب السكري في القرن 17 و دورة الذهب في القرن 18 اما خلال الفترة الحالية فان البرازيل سعى الى التحكم في المجال من خلال إنجاز شبكات النقل متنوعة تشمل الموانئ البحرية و النهرية و انجاز محاور طرقات طويلة تربط بين السواحل الشرقية و المناطق الغربية و الشمالية كما قامت البرازيل باقامة أقطاب تنمية في المناطق النائية مثال ميناوس في الشمال الغربي .
كما قام البرازيل بنشاء عاصمة جديدة منذ 1960 وهي مدينة برازيليا عوضا عن العاصمة القديمة ريوديجانيرو و ذلك لتخفيف الضغط على المناطق الساحلية الجنوبية و لكن رغم هذه الحركية المجالية الا ان البرازيل لم يتحكم كليا في مجاله لذلك سعت البرازيل الى انشاء شبكة حديثة من المطارات والاتصالات .رغم كل هذه المجهودات الا ان بعض مناطق البرازيل الشمالية و الغربية بقيت نائية و خالية من السكان .

4- تعبيئة الموارد المالية الاجنبية :

أ – تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة :

- اهتم المستثمرون الأجانب أي الشركات العبر قطرية بالاستثمار في البرازيل لعدة أسباب منها ضعف اليد العاملة و الاستقرار السياسي الذي تتميز به و التشجيعات المقدمة من طرف الدولة منذ 1964 الى هذه الشركات .
- ارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة على البرازيل من 141 مليون دولار الى 19.5 مليار واتجهت اغلب هذه الاستثمارات لقطاع الفلاحة من خلال شركات عبر قطرية مثل شركة نستلي و دانون كما اتجهت هذه الاستثمارات لقطاع الصناعة و خاصة صناعة السيارات من خلال شركات عبر قطرية منتمية الى اقطاب الثالوث مثل جنرال موتورز و فولزفاقن و فيات
=) أصبحت هذه الشركات تسيطر على أراضي شاسعة و تتحكم في جزء كبير من الصناعات المتطورة و كرست بذلك تبعية البرازيل المفرطة للدول المتقدمة .

ب- اللجوء الى الاقتراض الخارجي :

أصبح البرازيل اكثر دولة في العالم النامي لها ديون تضاعفت قيمتها اكثر من 60 مرة منذ الستينات وأصبحت في حدود 200 مليار دولار سنة 2015 .
- تعاني البرازيل من ارتفاع قيمة المؤشرات المرتبطة بهذه الديون و التي تسببت في مشاكل كبيرة للاقتصاد حيث تمثل نسبة خدمة الدين 55.8 من مجموع الصادرات و 8.3 من الناتج الداخلي الخام .
- أصبحت البرازيل في السنوات الأخيرة خاضعة لأوامر صندوق النقد الدولي الذي فرض القيام باصلاح هيكلي للاقتصاد منذ التسعينات و يتمثل هذا الإصلاح في التفويت في المؤسسات العمومية للخواص و تسريح العمال و التخفيض من الأجور .للتقليص من قيمة ديونه سعى البرازيل الى الزيادة في صادراته خاصة من المواد الزراعية التي ارتفعت قيمتها في السنوات الأخيرة في السوق العالمية .

الخاتمة : أصبح البرازيل قوة اقتصادية كبرى الا انه يبقى عاجزا عن اكتساب القدرة على التحكم في اقتصاده . ماهي ابرز مشاكل الاجتماعية و المجالية للبرازيل .